الجمعة، 27 أبريل 2018

قدم لنفسك / الشاعر حسان يوسف /



قدّم لنفسك
--------------
قـــدّم لـنـفـسك إنّ الـعـمـرَ مـرتـحلٌ
فـالموت ذا مـسرعٌ يأتي على عجلِ

مـالـي أراك إذا مــا ضــاقَ مـقـصدُنا
تــأوي إلــى ركــنِ دارٍ دونـما خـجلِ

إذا لــزمــتَ ســـوادَ الـــدّارِ مـنـعـزلاً
فـلـن تــرى الـكـونَ إلّا ضـيّـقَ الـنُزلِ

ِزدْ فـي خـطاكَ و قُـدْ نـفساً تروّضها
و اركــض الـى هـدفٍ كـدّاً بـلا مـللِ

أنّــبْ ضـمـيركَ فــي خَـلْـواكَ تـهزمُهُ
هـل طـاب عـيشٌ بـلا جـدٍّ بـلا عملِ

و اقتلْ خنوعكَ في سُكْناكَ موضعُه
أقـبـل عـلـى عـمـلٍ سـهماً بـلا وجـلِ

و ارسـمْ دروبـكَ فـي مَحْياكَ ترقُبها
أطـلق حـصاناً كـذا سـيفاً بـلا كـسلِ

و لا تــقـل تــلـكَ كــبـواتٌ تـلاحـقـنا
فـكم و كـم من نجاحٍ جاءَ من فشلِ

و لا تــكـنْ لـثـيـابِ الـيـأسِ مـرتـدياً
و اعـقِدْ على مغزلٍ خيطاً من الأملِ

و نـــاجِ ربّــاً إذا ضـاقـت بـنـا سـبـلٌ
لا تـشـكـيّـنَ لــمــرءٍ قــلّــةَ الــحـيَـلِ

و لا تــقـل ربـــيَّ الـــرّزاقُ يـرزقـنـي
و جُـــدْ تـلاحـقُ رزقــاً دونـمـا كـلـلِ

فـاعـمد إلــى حـطـبٍ قـلّـم أظـافـرَه
فــي ديـننا نـزلت وحـياً عـلى رسـلِ

فـالـلّهُ يــرزِقُ مــن خـارتْ سـواعدهْ
فــلا تـنـامنَّ فــي نـهـرٍ مــن الـعـسلِ

كــنْ فــي حـيـاتكَ لـلـميدانِ فـارسَهُ
كــن قـاسـياً و تَـلَبّسْ غـلظةَ الـرّجلِ

وكــن جـلـوداً كـجِذعٍ إذ جـفا مـطرٌ
و لا تــكـن لـيّـنـاً كـالـعود فــي بـلـلِ

و لا تـكـن غـيـمةً تـمـشي بــلا مـطرٍ
و لا تـكـن سُـحـباً تـسـري بـلا زجـلِ

حسان يوسف ـ سوريا

الثلاثاء، 17 أبريل 2018

دنيايَ كالبحر بقلم حسان يوسف

دنـيـايَ كـالـبحرِ الـعـميقِ و جـوفهِ
لا الــنّــورُ ظـلّـلـنـي و لا الأحــــلامُ

دنــيـايَ كـالـلّيل الـظـلومِ و عـتـمهِ
لا الـشّـمسُ تـعـرفني و لا الأنـجـامُ

كـالطّيف في عرض الزمان و قهره
لا الــوقــتُ أدركــنــي و لا الأيـــامُ

دنـيـايَ كـالسّطرِ الـحزينِ و حـرفهِ
لا الــحـبـرُ يـكـتـبني و لا الأقـــلامُ

كـالـلّـوحةِ الــسّـوداء فــي ألـوانـها
لا الــفــنُّ يـرسـمـنـي و لا الــرّسّـامُ

أيّـــامُ دهــري كـالـحروبِ و نـارِهـا
و أنـــا بــهـا مـثـلَ الـخـرابِ رُكــامُ

أيّــامُ عـمـري كـالـمريضِ بــلا شِـفا
الآهُ تــقـتـلـنـي كـــمـــا الأســـقـــامُ

أمـضيتُ عـمري و العذابُ ملازمي
و كــأنّـنـي فـــوقَ الـقـبـورِ رِجـــامُ

أمــضـيـتـهُ مــتـثـاقـلاً مـتـشـائـمـاً
و عــلـى سـيـاجـي تـنـعقُ الأبــوامُ

مـثـلَ الـخـيالِ فــلا دِمــا بـوريـدهِ
لا روحَ فــي جـسدي كـما الأصـنامُ

مثلَ السّرابِ إذا اختفى في لحظةٍ
مـــــا عـــدّنــي عــــدٌّ و لا أرقــــامُ

لــم أعــرفِ الـحبَّ الـبهيَّ و طُـهرَهُ
نـحـو الـهوى فـي خـافقي إحـجامُ

جـفّـت عـواطـفُ مـهجتي و كـأنّما
فـــي مـتـنـها قـــد نُــفِـذَ الإعـــدامُ

مـات الـفؤادُ و مـات صـبّي مُـغرقاً
فـنـياطُ قـلـبي فــي الـهـوى أقـزامُ

و الــرّوحُ تـجـهدها سـنـونُ مـرارةٍ
و الــقـلـب فـــي طـيّـاتـهِ الإبــهـامُ

و عـلى شـفاهِ الـعمر ماتتْ ضحكةٌ
فــي ثـغـريَ الـمـحزونِ مـاتَ كـلامُ

يـــا أيــهـا الـقـمـر الـمـنيرُ دروبـهـم
فــلـتـرخِ نــــوركَ و الأنــــامُ نِــيـامُ

و لْـتلقِ فـي روحـي شـعاعَ مـحبّةٍ
فـلـعـلّـنـي يُــلــقـى إلــــيَّ ســــلامُ

و لـتـسمِعِ الـقلبَ الـمهيضَ حـكايةً
كـي تـزدهي فـي خـافقي الأجذامُ

يـا بـحرُ جُـدْ بـلطيفِ ريحٍ من صَبا
كــي تـلـفحَ الـوجـهَ الـحزينَ نِـسامُ

و لـتشرقي يـا شـمسُ فـي وجناتهِ
فــلـعـلّـهُ عـــنّــي يـــــزولُ ظــــلامُ

و لـتـعزفي لـحـنَ الـحـياةِ صـبـابةً
كـي تـحتفي فـي خـاطري الأنـغامُ

و ربـيعَ قـلبي فارسمي كي تزدهي
أزهـــــــارهُ و بـــراعـــمٌ و قِــــــلامُ

أنــشــودةَ الآمـــالِ هــيّـا أنــشـدي
كــي تـخـتفي مــن أضـلـعي الآلامُ

يـا لـيلُ أسـدلْ هـدأةً فـي مهجتي
و أَزلْ هـمـومي فـالـشّجونُ عِـظامُ

الثلاثاء، 3 أبريل 2018

قصيدة شهيدة الحق للشاعر حسان يوسف

شـهيدُ الـحقِّ يـسمو فـي سـماءٍ
تـقـاطرتِ الـدّمـا تــروي الـترابا

كـرحقِ الزّهرِ يجذبُ نحلَ حقلٍ
تـسامى عـطرهُ فـي الـوردِ ذابـا

يـنـوحُ الـيـاسمينُ عـلـى فــراقٍ
و دمـعُ الـكونِ يـنسكبُ انسكابا

يـبـوحُ الأقـحـوانُ بـمـسكِ حـقٍّ
تــلالُ الأرضِ عـانـقتِ الـهـضابا

يـجـودُ الـكـرمُ بـالدمعاتِ خـمراً
و زهــرُ الـحـقلِ يـكتئبُ اكـتئابا

تـطـيرُ الــرّوحُ تـعـلو فـي ثـباتٍ
و تـفتحُ فـي سـماء الـكونِ بـابا

يـجـنّحُ بـيـن غـيـماتٍ فـيمضي
و نـور ُ الـحقِّ قد خرقَ السّحابا

تــلألأ فــي عُــلا الـعلياءِ يـسري
شـعاعُ الـعينِ قـد سـبقَ الشهابا

كــواكـبُ كـونِـنا تـجـري بـعـيداً
نـجومُ الكونِ تحتجبُ احتجابا

يـطـيبُ الـخمرُ فـي جـنّاتِ ربٍّ
و عـيشٌ فـي جِـنانِ الخلد طابا

يــرومُ الـخُلدَ فـي جـنّاتِ عـدنٍ
و مـــن إسـتـبرقٍ يـرجـو ثـيـابا

و يـطمعُ فـي قـصورٍ لا تُضاهى
و مــن عـسـلٍ بـها يـبغي شـرابا

و عندَ الحشرِ يرجو فيء عرشٍ
فـــذاكَ الــيـومَ يـلـتهبُ الـتـهابا

يـمـنّـي الـنّـفسَ فــي لُـقـيا إلــهٍ
و يـحـملُ فــي يـدٍ يُـمنى كـتابا

حسان يوسف

وجعي قصيدة للشاعر حسان يوسف

#وجعي_قصيدة
--------------

تـبـعثرتْ أحــرفُ الاوصــابِ فـي كَـلمٍ
تـسـربـلـتْ بــــرداءِ الــحــزنِ كِـلْـمـاتي

خـطـطتُ مــن حـبـرِ آلامــي مـساجلةً
وَشَـمـتُ فــي بـاطـنِ الأبـيـاتِ آهـاتي

تـلـحّـنَ الـحـزنُ فــي شـطـرٍ و قـافـيةٍ
تـمازجتْ مـع شـجون الـشعر مـأساتي

و رفــرفَ الـشّـؤمُ فـوق الـحرفِ أرّقـهُ
تــلــوّنـتْ بـــســوادِ الــلّــيـل أبــيـاتـي

و أغــزلُ الـنّـظمَ مــن خـيـطٍ بــهِ ألــمٌ
و أنـسـجُ الـحـرفَ مــن أعـمـاقِ آنـاتي

تـتـوهُ فــي ثـغـرِ شـعـري أنّــةٌ و أسـىً
و أنـزفُ الـحرفَ مـن جمراتِ وجناتي

تَـصـفـرُّ أوراقُ صــدرِ الـبـيتِ شـاحـبةً
تـساقطتْ فـي خـريفِ الـشّعرِ زهراتي

و يـكـتـبُ الـحـبـرُ أوجــاعـاً أكـابـدُهـا
فـحشرجتْ فـي لـهاةِ الـشِّعرِ سـكراتي

و أذرفُ الـدّمع فـي البحر البسيط كما
تـيـبّستْ فــي شـفـاهِ الــوزنِ بـسماتي

و غابتِ الشّمسُ في حرفي و قافيتي
و أطــفـأتْ ظـلـمةُ الأشـعـارِ شـمـعاتي

رشـفتُ مـن رحقِ أشواكِ القصيدِ بوىً
أتــرعـتُ بـالـكـلماتِ الـسّـودِ كـاسـاتي

تـألّـم الـبـوحُ فــي مـتـن الـقريضِ كـبا
و فـــي تـقـاطيعهِ نـاضـتْ جـراحـاتي

تـكسّرت مـوجتي فـي رمـل مـحبرتي
عــلــى شـواطـئـها مــالـتْ شـراعـاتـي

ألــحـانُ شــعـري تـصـيحُ الآهَ مـتـرعةً
هـــذي تـقـاسيمُها هـاضـتْ جـنـاحاتي


حسان يوسف ـ سوريا